إنهم عن السمع لمعزولون

خميس, 21/05/2020 - 03:25

فيروس وقف العالم عاجز عن التصدي له وسقطت دول و استسلمت أخرى وأرغمت أخرى مجبرة حد الخنوع
الصين مكمن الداء و سر الخطر الفتاك المثير
إيطاليا: سقطت أمام الفيروس و كانت تعجز أحيانا عن إحصاء الجنائز وذرفت الدموع
إسبانيا: عانت الأمر ولا تزال تعاني الأمرين من مخلفاته و أجبرت مواطنيها بالقانون على البقاء في البيوت .
ألمانيا: تتنبأ بإصابة 80 % من سكانها وكان ذلك بالفعل وسادها السكون
إيران: عجزت أمام الوباء وسرعة انتشاره المثير
فرنسا: ظلت تقول ليس بيدنا شيء و خسرت أرواحا ليست بالقليلة مرعبة طالت الكادر الطبي المتين .
أمريكا: انهارت وانهار اقتصادها حتى وصل إلى الحضيد بسبب تفشي الفيروس في وقت قصير
بريطانيا تقول: استعدوا لتوديع أحبائكم ؟؟ وحدث ذلك بالفعل و توقفت الحياة في ربوعها و ساد الهدوء
وقائمة الدول تطول في هذا المجال والخسائر لا تحصى في سنين ومع كل ذلك المواطن في بلادي مستهتر بالفيروس إلى حد الغباء والجنون ، و يتزاحم في الأسواق وفي سيارات الأجرة وفي المناسبات الإجتماعية وحياته طبيعية كأنه بمعزل عن عالم ركع مجبرا من الألم والموت المحتوم و المسؤولون والساسة وأصحاب القرار يقولون بكل ثقة في كل مرة الأمر تحت السيطرة وكأنهم يقولون لا تخافوا و ناموا في سباتكم العميق ، إلى أن بدأت الأحداث وبدأ البعض بربطها متوهما أن الإصابات نتيجة اختلاط جديد معلوم المصدر في الوقت الذي كان الفيروس يصول ويجول في العاصمة ويحصد الأرواح دون علم من الجميع ، فلو كانت البلاد تملك القدرة على فحص مواطينها لا اتضح حجم الخطر بكثير فهناك كثير من كبار السن فارقونا في عهد قربب لم تشخص حالتهم للأسف الشديد ، وتوهمنا جميعا أن أول إصابة بالفيروس كانت إصابة أجنبي قادم من أوربا يعمل في شركة تازيازت والذي عزل نفسه في الفندق بعد أن شعر بالمرض في الوقت الذي كان الكثير من مواطنينا مريض و يخالط الجميع عندها خرج وزير الصحة يحذر الجميع ويطلب منهم التعاون مع الدولة في وجه التصدي للفيروس بكل قوة والصمود بالبقاء في البيوت وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى واتخاذ الاحتياطات والتدابير وقت اللزوم وتوقفت حركت الطيران وأغلقت الحدود في وجه الجميع حتى مواطنونا العالقون بالحدود الذين استنجدوا يامعتصماه نخاف على أنفسنا في هذه البراري المليئة بقطاع الطرق و لكن رغم صراخهم
صمت الآذان ووصدت الأبواب في وجوههم إلى حين ، الحدود مغلقة بقرار رسمي ليس قابلا للرجوع. ...إنها مغلوقة بالفعل إلا في وجه متسلل في الخفاء أو من يملك النفوذ أو أولئك الذين يتعاملون مع عديمي الوطنية و الضمير ممن يبحثون عن الدراهم و يدخل كل من يدفع لهم المزيد ضاربا عرض الحائط وطنا بأسره بأن الآن تحت وطأة الموت الأسود في ذهول .
تظهر حالة المرحومة القادمة من فرنسا و التي كانت في الحجر الصحي بعد وفاتها دون أن تتلقى العلاج للأسف الشديد ويقال في البيان مواطنة فرنسية وهي موريتانية ولكنها تحمل الجنسية الفرنسية وبعدها تظهر حالة العاملة التي تعمل لدى أسرة أجنبية و بعد أيام تظهر حالة القادم من فرنسا قبل الحظر بقليل والذي سافر وتجول في كل المصحات و لم يشتبه فيه حتى وصل مصحة ابن سيناء التي أكدت إصابته و أطلقت التحذير والإنذار .

ومع ذلك ظل الإستهتار يطبع الجميع إلى يوم 28 آذار حيث خرج الدكتور نذير ليعلن عن إصابتين زوجة الرجل القادم من فرنسا والمصاب المتسلل من السينغال إلى كيهيدي ثم يخرج وزير الداخلية ليعلن أن نواكشوط وكيهيدي بؤرتين للفيروس ويعلن حذر التجوال وتعزل مدينة كيهيدي و يتطور الأمر و يعزل انواكشوط و تغلق الأسواق و المطاعم ومع ذلك المواطن لا يزال غافلا أو متغافلا عن حجم الخطر إلى أن أصيب المرحوم بديدي بعد أن دخل العديد من المصحات التجارية ولم يكتشف المرض فيه و عندما أظهرت بعض فحوصاته احتمال إصابته ذهب ذووه إلى الدكتور أنجاي المتخصص في الفيروس ولكنه اكتفى بطرح الأسئلة على المرحوم هل سافرت خارج البلاد ؟ دون فحصه و تطمأنة ذويه عن عدم إصابته بالفيروس ولم تكتشف إصابته إلا في مستشفى القلب بعد فوات الأوان للأسف الشديد وخسرنا رجلا ثمينا ، عندها بدأ ذعر يصيب الجميع وبدأت الفحوصات تكشف المستور
إصابة سيدة بتيارت والتي كانت ترتاد محل بانابلاه
واصابة زوجها مدير كاميك
و إصابة الطبيب العسكري و الذي كان يزورهم باستمرار
ثم إصابة عاملة المنزل التي تقطن معهم و هي مقيمة في البصرة وهنا يظهر سر
وهو أن البصرة هي نفس المنطقة التي يقيم فيها صاحب الحالة الثالثة العائد من فرنسا هو و زوجته المصابة أيضا والبصرة هي مركز جل عمال المنازل في كل أحياء العاصمة وهنا مكمن الخطر و تظهر إصابة الطبيب العسكري و هو من كان يعطي الحقن للمريض المرحوم المصاب ولد تاتاه
وتظهر إصابة الإمام داري بعدما قدم الرقية الشرعية للمرحوم بديدي خلال مرضه الأخير رحمة الله عليه و تظهر إصابة مسير بانا بلاه و إصابة زوجة أخ مسير بانا بلاه التي كانت تعود المرحوم بديدي
و إصابة أربعة من أبناء المرحوم بديدي
وتتوسع الفحوصات فتظهر
إصابة تاجر صاحب محل الخشب المقيم بعرفات بعد استلامه شحنة قادمة من مالي و إصابة مراهق مختلط مع تاجر الخشب
و ينتشر الفيروس فتظهر
إصابة ٥ أشخاص مخالطين لزوجة أخ مسير بانا بلاه
و إصابة ٥ أشخاص آخرين مخالطين لعائلة تيارت
و إصابة العامل الفني في مصحة الحياة و نقل الإصابة معه على طول الطريق و حتى وصلت مدينة كيفة وإصابة كذلك مسير مخزن مصحة الحياة.

عندها بدأت المخاوف لدى البعض و انتشرت البلاغات المطالبة بالفحوصات بحجة الاختلاط وظهر ما لم يكن متوقع يوم الإثنين 2010/5/18 في يوم واحد تسجيل 19 حالة من فيروس كورونا
وفي اليوم الموالي الثلاثاء 2020/5/19 يؤكد مدير الصحة تسجيل 50 حالة ليصل عدد الحالات المسجلة إلى 131 حالة ويقول أن الأمر على وشك الخروج عن السيطرة وأننا لن يسمح لنا بتوديع أحبتنا عندما يصابون بالفيروس وعلينا البقاء في البيوت ومع ذلك لا آذان صاغية للأوامر والحلول ولا إلى التخويف و التحذير .
وفي يوم 2020/5/20 يقول وزير الصحة أن الحالات تصل إلى 141 إصابة مؤكدا أن الخطر يزداد يوما بعد يوم و وزير الصحة يتصدى لحرب شرسة أعجزت المنظومة الصحية العالمية فكيف لا يعجز من يحارب على الجهتين والسبب واضح حيث أوشكت أجهزة الفحوصات أن تندثر و هنا تزداد المخاوف خصوصا أن بلادا مازالت مستمرة في فتح الأسواق والتزاحم في كل الأماكن دون وعي لخطورة الداء المميت ألا يعي هؤلاء وأولئك أن الوطن درة لا تقدر بثمن ياباعة الأوطان و السموم وأن الحق باق حتى لو دنستموه بكل السبل في الخفاء حيث تحاك الخيوط و في العلن بالإحباط والتشهير .

وإلى متى ياوطني ستبقى هكذا وتبقى الوطنية غائبة ومن يتحلى بها يوصف بالمتخلف و ليس له مكان في العالم الجديد.

مريم سيدي ولد احميده أستاذة وكاتبة صحفية